للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما العذر في الراحلة، فثلاثة أسباب: الخوف والوحل والمرض.

فأما الخوف، فمثل الذي يخاف في نزوله من عدوّ، أو من انقطاعه عن الرفقة الذين لا يحتبسون له، أو لا يمكنه النزول لكونه على مركوب لا يُنزله عنه إلا إنسان، وليس هناك من يُنزله عنه؛ أو يمكنه النزول ولا يمكنه الصعود ولا يقدر على المشي، أو يخاف انفلات الدابَّة بنزوله، ونحو ذلك ممَّا يخاف في نزوله ضررًا في نفسه أو ماله= فإنه يصلِّي على حسب حاله، كما يصلِّي الخائفُ من العدوّ، على ما سنذكره ــ إن شاء الله تعالى ــ، لعموم قوله سبحانه: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩]. وفي حديث ابن عمر: «فإن كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صلَّوا ركبانًا ورجالًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» (١). لاسيما إذا قلنا: إن طالب العدوِّ يصلِّي على الدابة إذا خاف من فوته، فإنَّ ما يخافه في هذه المواضع قد يكون أشدَّ ضررًا مما يخافه من فوت العدو. ولأنَّه يخاف في النزول ضررًا، فجاز أن يصلِّي على الدابة كالخائف من العدو. ولأنَّ القيام والاستقبال من أخفِّ فروض الصلاة يسقطان في التطوع، فإذا كانت الطهارة والسترة تسقط بمثل هذا الخوف، فسقوطُ القيام والتوجه أولى. هكذا ذكر طائفة من أصحابنا.

وقال ابن أبي موسى (٢): لم يختلف قوله: إنّ التوجه إلى القبلة في المكتوبة في سائر الأحوال من شرط صحة الصلاة إلا في حال المسايفة خاصَّة.


(١) أخرجه البخاري (٤٥٣٥) ومسلم (٨٣٩).
(٢) في «الإرشاد» (ص ٨٧).