للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال غيره: إن أمكن أن يقوم بعضهم دون بعض صلَّى من أمكنه القيام ثم قعدوا (١)، وصلَّى الآخرون. وإن ضاق بهم الوقت صلَّى كلُّ واحد بحسب إمكانه (٢).

وان عجزوا عن القيام، فهل يصلُّون جماعةً؟ على روايتين. وظاهر ما اختاره ابن أبي موسى من الروايتين هو قياس المذهب، وهو أن يصلُّوا جماعةً مع قعودهم أو قعود بعضهم. ثم إن كان موضع القيام واحدًا قام فيه الإمام، وإن كان أكثر من واحد صلَّوا على المقاعد التي كانوا عليها قبل الصلاة؛ لأن من أصلنا جواز القعود خلف الإمام إذا صلَّى قاعدًا، لأن فضل الجماعة أسقط القيام. وكذلك المريض له أن يصلِّي جماعةً مع قعوده وإن أمكنه الصلاة وحده قائمًا. ولأنَّ الجماعة مع الخوف فيها مما يُفسِد الصلاة في الجملة أعظم من ترك القيام، ثم احتُمِل ذلك لأجل الجماعة. ومن تأمَّل [ص ١٩١] الشريعة علِم أنَّ الشارع يحافظ على الصلاة جماعةً (٣) كيفما أمكن، ولا يبالي ما فات في ضمن الجماعة.

ولأنَّ من أصلنا أنَّ الجماعة واجبة، والقيام واجب أيضًا، لكن القيام ركن خفيف يسقط في النوافل مطلقًا، ويسقط في الفرائض في مواضع. وأمَّا الجماعة فلم نجد الشارع أسقطَها إذا أمكنت من غير ضرر قطُّ.


(١) في الأصل: «قعدا» وصوابه من حاشية الأصل.
(٢) انظر: «المستوعب» (١/ ١٦٢).
(٣) في المطبوع: «صلاة الجماعة» خلافًا للأصل.