للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا، فإن الصلوات الخمس في الجماعة واجبةٌ كما تقدم بيانُه (١)، فلو جاز الاعتكاف في مسجد مهجور معطَّل، للزم إما ترك صلاة (٢) الجماعة، وذلك غير جائز، وإما تَكْرار الخروج في اليوم والليلة لِمَا عنه مندوحة، وذلك غير جائز؛ لأن الاعتكاف هو لزوم المسجد، وأن لا يخرج منه إلا لِمَا لابدّ منه ... (٣)

وأيضًا فلو لم تكن الجماعةُ واجبةً، فإنها من أعظم العبادات، وهي أوكد من مجرَّد الاعتكاف الخالي عنها بلا ريب، والمداومة على تركها مكروهة كراهةً شديدة، فلو كان العكوفُ الخالي عنها مشروعًا لكان قد شُرِع التقرُّب إلى الله تعالى بما يُنْهَى فيه عن الجماعة، بل يَحْرُم فعلها معه، إذ الخروج من المعتكف لا يجوز، وهذا غير جائز ... (٤)

فأما اعتكافٌ لا يتضمّن وجوب جماعة، مثل أن يكون زمنه يسيرًا، لا يحضر فيه صلاة مكتوبة؛ فقال ابن عقيل وغيره: يصح في كلّ مسجد، إذ لا محذور فيه، فإنما اشترطنا مسجدًا تقام فيه الجماعة لأجل وجوبها، وهذا إذا صححنا اعتكافَ بعضِ يوم على المشهور في المذهب، وكذلك من لا يمكنه شهود الجماعة؛ لكونه في موضع لا تُقام فيه الجماعة.

وأما من يمكنه حضور الجماعة ولا يجب عليه كالمريض وغيره من المعذورين والعبد، ففيه وجهان:


(١) ليس في القطعة الموجودة من كتاب الصلاة.
(٢) «صلاة» من س.
(٣) س: «بُدّ له منه». وبعده بياض في النسختين.
(٤) بياض في النسختين