للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما المسلم إذا ارتدَّ بعد دخول الوقت، فمن أصحابنا من يُلحقه بالعاقل إذا جُنَّ، ومنهم من لا يُلحِقه به. وحقيقة المذهب: أنَّا إن قلنا: لا يجب عليه قضاءُ ما تركه قبل الردَّة، فلا قضاء عليه بحال. وإن أوجبنا عليه قضاءَ ما تركه في الردَّة وقبلها، فليس من هؤلاء. وإن قلنا بالمشهور: أنه يقضي ما تركه قبلُ، دون ما تركه فيها، وكانت الردَّة بعد التمكُّن من الفعل= لزمه القضاءُ، لاستقرار الوجوب في الذمة. وإن كانت قبل التمكُّن، فكذلك أيضًا على المشهور. ففي ظاهر المذهب يجب القضاء على المرتدِّ بكلِّ حال.

وتجب الصلاة أيضًا بإدراك آخر جزء من الوقت. فإذا أسلم الكافر أو طهرت الحائض أو النفساء في آخر جزء من وقت صلاةٍ، ولو أنه بقدر [ص ٥٧] تكبيرة، فعليهما فعلُها أداءً إن أمكن، وإلَّا فقضاءً من غير خلاف في المذهب، لأنهما أدركا بعضَ الوقت على وجهٍ يصحُّ بناءُ ما بعده عليه، فأشبَه من أمكنه فعلُ الجميع في الوقت. وكذلك إن بلغ الصبُّي وعقَل المجنونُ، وقلنا: لا صلاة عليهما.

وإن كان الإدراك في وقت الثانية من المجموعتين وجبت الأولى أيضًا، لما ذكره الإمام أحمد وغيره عن عبد الرحمن بن عوف (١) وعبد الله بن عباس (٢) - رضي الله عنهما - قالا: إذا طهرت الحائض قبل مغيب الشمس صلَّت الظهرَ والعصرَ، وإذا رأت الطهر قبل أن يطلع الفجر صلَّت المغرب والعشاء.

وروى حرب (٣) عن أبي هريرة قال: إذا طهرت قبل أن يطلع الفجر صلَّت المغرب والعشاء.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧٢٨٢)، وابن المنذر في «الأوسط» (٨٢٤).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٧٢٨٤)، وابن المنذر في «الأوسط» (٨٢٥).
(٣) «مسائل حرب» بتحقيق السريع (١/ ٣٢١).