وهذا لأنَّ مواقيت الصلاة خمسة في حال الاختيار، وثلاثة في حال العذر والضرورة، بدليل قوله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}[هود: ١١٤] وقوله سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء: ٧٨]، وأنَّ السنَّة مضت بذلك في حال العذر حتى جاز أن يصلِّي الظهر والعصر ما بين الزوال إلى غروب الشمس، ويصلِّي المغرب والعشاء ما بين الغروب إلى طلوع الفجر. وهو الجمع بين الصلاتين إذا أخَّر الأولى بنية الجمع، ثم حدث له عذر أخَّرهما بسببه إلى وقت الضرورة. وهذا وقت ضرورة، فلذلك كان مدركًا للأولى بما أدرك به الثانية.
وإن كان الإدراك في وقت الأولى بأن تحيض المرأة في وقت الظهر أو المغرب أو يُجَنَّ الرجل، فهل يجب عليهما قضاء العصر والعشاء؟ على روايتين:
إحداهما: يجب القضاء، لأن وقتهما واحد.
والثانية: لا يجب. وهي المنصورة عند أصحابنا، لأن وقت الأولى إنما يكون وقتًا للثانية إذا فعل الأولى، فتكون الثانية تابعةً لها؛ بخلاف وقت الثانية فإنه يكون وقتًا للأولى، فعَلَها أو لم يفعلها.