للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غالبًا. فإن أخَّرها تأخيرا يشقُّ عليهم غالبًا كُرِه؛ لما روى زيد بن خالد الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأخَّرتُ صلاةَ العشاء إلى ثلث الليل» رواه أحمد. والترمذي وقال: حديث حسن صحيح (١).

وكذلك في حديث ابن عمر: «لولا أن تثقُلَ على أمتي لصلَّيتُ بهم هذه الساعة» (٢)، وقوله في حديث أبي سعيد: «لولا سَقَمُ السقيم، وضعفُ الضعيف، وحاجةُ ذي الحاجة= لأخَّرتُ هذه الصلاةَ إلى شطر الليل»، وقد تقدَّم. وكذلك قولُه في حديث عائشة: «إنه لَوقتُها، لولا أن أشقَّ على أمتي» (٣)؛ فإنَّ هذه الأحاديث تدل على أنَّ وجودَ المشقة على المأمومين يمنع استحبابَ التأخير وشرعَه.

وعلى هذا بنيت قاعدة الصلاة، فإنَّ الإمام يُكرَه أن يطوِّل على المأمومين تطويلًا يفتِنهم به، وإن كان التطويل عبادة محضة. فالتأخيرُ الذي يفتِنهم، ويفوِّتهم الصلاةَ جماعةً، أو يُوجِب أن يصلُّوها متكرِّهين (٤) متضجِّرين= أولى أن يُكرَه. وما في التأخير من الفضيلة إنما يُقصَد لو لم يفُتْ ما هو أفضل منه. وإنَّ أفضلَ منه لكثرةُ الجماعة، وتحصيلُ الجماعة للمصلِّين، ونشاطُ القلوب للصلاة، وتحبيبُ الله إلى عباده.

ولأنَّ المشقة قسمان:


(١) أحمد (١٧٠٣٢)، والترمذي (٢٣).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٦٣٨).
(٤) في الأصل والمطبوع: «مكترهين».