كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم

مسألة: (والصلاة في أول الوقت أفضل، إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر) - يكره التأخير الذي يشق على المصلين غالبا - ج: 2 - ص: 217

أحدهما: في خاصَّة الإنسان، فله أن يحتمل هو المشقة لتحصل فضيلة التأخير. وهذه المشقة هي المانعة من الإيجاب.

والثاني: يتعدَّى إلى المأمومين، وليس للإمام أن يحمل الناس مشقةً لم تجب عليهم، وهذه هي المانعة من استحباب التأخير. قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: كان نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي الظهر بالهاجرة، والعصرَ والشمسُ نقيَّةٌ، والمغربَ إذا وجبت، والعشاءَ أحيانًا وأحيانًا: إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم قد أبطؤوا أخَّر؛ والصبحَ كان يصلِّيها بغلس. متفق عليه (١).

وروى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في «مغازيه» (٢)

عن عبد الرحمن بن غَنْم قال: حدَّثنا معاذ بن جبل قال: لمَّا بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: «أظهِرْ كبيرَ الإسلام وصغيرَه، وليكن من أكثرها الصلاة، فإنَّها رأس [ص ٥١] الأمر بعد الإقرار بالدين. إذا كان الشتاء فصَلِّ صلاةَ الفجر في أول الفجر، ثم أطِل القراءةَ على قدر ما يطيق الناس، ولا تُمِلَّهم وتُكرِّه إليهم أمر الله. ثم عجِّل الصلاة الأولى قبل أن تميل الشمس. وصلِّ

---

(١) البخاري (٥٦٠) ومسلم (٦٤٦).
(٢) ومن طريقه أخرجه الخطيب البغدادي في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (٢/ ٣٩٦).
إسناده هالك، فيه محمد بن سعيد المصلوب كذاب، كما في «الميزان» (٣/ ٥٦١).

وأخرجه مختصرًا أبو الشيخ في «أخلاق النبي» (١/ ٤٥١) ـ ومن طريقه البغوي في «شرح السنة» (٢/ ١٩٨ - ١٩٩) ـ، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٢٤٩)، وفيه الجراح بن المنهال متهم بالكذب، كما في «المجروحين» لابن حبان (١/ ٢١٣)، وانظر: «السلسلة الضعيفة» (٩٥٥).