للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك لأن هذا مفهومُ منطوقٍ خرج جوابًا عن سؤال سائل، فإن عروة بن مُضرِّس كان قد أدرك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ والوقوفَ، فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - حكْمَ من هو في حاله أن حجَّه تامٌّ. ومثلُ هذا قد لا يكون له مفهوم؛ لأن التخصيص بالذكر كان (١) لأجل حال السائل. وفيه (٢) فائدة أخرى، وهو أن من أدرك الصلاة فإنه يكون قد أدرك الوقوفَ بعرفة قبل ذلك، بخلاف من لم يُدرِك الصلاة، فإنه قد لا يكون دخل عرفة إلا بعد الفجر.

وفيه أيضًا وجوب الوقوف مع الإمام على من لم يقفْ قبل طلوع الفجر، على ما ذكرناه فيما تقدَّم.

ويتوجَّه وجوب الوقوف بعد الفجر لغير أهل الأعذار، لما روتْ عائشة قالت: كانت سودةُ امرأةً ضخمةً ثَبِطَةً، فاستأذنتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُفِيضَ من جَمْعٍ بليلٍ، فأذِنَ لها. فقالت عائشة: فليتني كنت استأذنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنتْه سودةُ، وكانت عائشةُ [لا تُفيضُ] (٣) إلا مع الإمام (٤).

وفي رواية (٥): ودِدتُ أني كنت استأذنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنتْه سودةُ، فأصلِّي الصبحَ بمنًى، فأرمي الجمرةَ قبل أن يأتي الناسُ. فقيل لعائشة: فكانت سودةُ استأذنتْه؟ قالت: نعم، إنها كانت ثقيلةً ثَبِطَةً، فاستأذنتُ لها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأذِنَ لها.


(١) «كان» ساقطة من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «ومنه».
(٣) الزيادة من «صحيح مسلم».
(٤) أخرجه مسلم (١٢٩٠/ ٢٩٤).
(٥) لمسلم (١٢٩٠/ ٢٩٥).