للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن تمييز الواجبات من غيرها إنما يُدرَك بالظن في كثير من المواضع، وفيه من الخلاف والاشتباه ما لا خفاء به. فلو كانت هذه النية واجبةً لكان لا يصلِّي أحدٌ صلاةً متيقَّنة الصحة، ولا صلاة مُجمَعًا على صحتها. ولأنَّ ذلك لو كان واجبًا لبيَّنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيانًا قاطعًا للعذر، كما بيَّن لهم وجوب الصلوات الخمس دون غيرها، فلمَّا لم يكن ذلك عُلِمَ أنَّ هذا ليس واجبًا.

فصل

وهل يحتاج أن ينوي في الحاضرة أنها الحاضرة أو المؤدَّاة أو فرض الوقت، وينوي في الفائتة أنها الفائتة أو المقضيَّة أو فرض الوقت الفائت؟ على ثلاثة أوجه:

أحدها: يجب عليه، لأنَّ أحكام الفائتة تخالف أحكام الحاضرة، فإنها واجبة في وقت محدود يُقتَل بتركها، ويحرُم تأخيرها عن وقتها إجماعًا، ويُشرَع لها من الأذان والاجتماع وغير ذلك ما لا يُشرَع للفائتة.

وبنى القاضي هذا الوجه على قول من لا يجيز ائتمامَ المؤدِّي بالقاضي. فعلى هذا لو كان عليه ظهران فائتة وحاضرة، فصلى ظهرًا مطلقةً، لم تُجزئه عن واحدة منهما. وإن لم يكن عليه إلا ظهر فائتة أو حاضرة، وصلَّى ظهرًا لم يخطر بقلبه هل هي صلاة الوقت الحاضرة أو صلاة الوقت الفائتة، لم يُجزئه.

والثاني: لا يجب ذلك، بناءً على أنهما صلاتان من جنس واحد. ولهذا جوَّز اقتداءَ المؤدِّي بالقاضي من لم يجوِّز اقتداء المفترض بالمتنفل، ولأن حاصل ذلك يرجع إلى تعيين [ص ٢٢٦] الوقت، وهو غير واجب لأنه لو كان