للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون خمسة أوسُقٍ صدقة إلا أن يشاء ربُّها» (١)، وكما قد يستحب له إخراج الزكاة في [ص ٢٢٥] مواضع تُذكر إن شاء الله تعالى في مواضعها.

وسبب ذلك: أنَّ نية صفات العبادة تندرج في نية العبادة. فإذا نوى الظهر اندرج في ذلك أربع ركعات، وأنها واجبة ونحو ذلك، إذا كانت تلك العبادة لا تقع إلا على تلك الصفة، أو تنصرف عند الإطلاق إلى تلك الصفة.

وعلَّل القاضي وغيره من أصحابنا ذلك بأنَّ الظهر الأولى من المكلَّف لا تقع إلا فرضًا، فلم يحتمل الفعلُ وجهين لتميِّز النيةُ بينهما؛ إلا أنَّ هذا يُشكِل بمن نوى ظهرًا تطوعًا قبل المكتوبة، كما حملوا عليه حديث معاذ بن جبل (٢)، فإنهم قالوا: كان يصلِّي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - تطوعًا، ثم يصلِّي بقومه المكتوبة. وهذا جائز، بل مستحَبٌّ إذا كان لغرض صحيح، مثل أن يكون إمامَ مسجد راتب، فتقام الصلاة أولًا في غير مسجده، فيصلِّي الظهر معهم. والتعليل بالإطلاق أجود.

فأمَّا نية الوجوب في أبعاض الصلاة، مثل أن ينوي وجوبَ قراءة الفاتحة، ووجوب الركوع والسجود ونحو ذلك، فلا يجب، بل يكفي أن يأتي بالواجبات مع اعتقاد وجوب الصلاة في الجملة. هكذا ذكره أصحابنا


(١) أخرجه البخاري (١٤٠٥) ومسلم (٩٧٩) من حديث أبي سعيد دون قوله: «إلا أن يشاء ربُّها». وقد جاء هذا اللفظ في حديث أنس الطويل الذي أخرجه البخاري (١٤٥٤) وفيه: «ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها». وكذلك قال فيه: «فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها».
(٢) أخرجه البخاري (٧٠٠) ومسلم (٤٦٥).