للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لحرمة الفرض، وعدمِ جواز فسخ نيَّته. وهذا مفقود (١) هنا؛ لأنَّ الابتداء بالنافلة في أول وقت المكتوبة جائز، وهذه الصلاة لم تنعقد فرضًا قطُّ.

مسألة (٢): (الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشَرة).

أمَّا ستر العورة عن أعين الناظرين بما لا يصف البشَرة، فواجب في الجملة في الصلاة وخارج الصلاة، وقد تقدَّم بعض هذا في باب الغسل؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: ٣٠]. وحفظُ الفرج يعمُّ حفظَه من مسِّ من لا يحِلُّ له مسُّه بجماع وغير جماع، ومن النظر إليه (٣). بل قد قال بعض التابعين (٤): إنه عُني به هنا النظرُ، لأنَّه قرنه بغضِّ البصر، ولأنه ذكر معه استتار النساء عن رؤية الرجال.

ولقوله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} إلى قوله: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}، وقوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} يريد كشف السوءة ونحوه {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٦ - ٢٨]. وهذه الآيات كلُّها تتضمَّن فرضَ ستر


(١) في الأصل والمطبوع: «مقصود»، والصواب ما أثبت.
(٢) «المستوعب» (١/ ١٥٦)، «المغني» (٢/ ٢٨٣ - ٢٨٩)، «الشرح الكبير» (٣/ ١٩٨ - ١٩٩)، «الفروع» (٢/ ٣٢ - ٣٤).
(٣) سبق نحوه في كتاب الطهارة.
(٤) انظر قول أبي العالية في «تفسير الطبري» (١٩/ ١٥٤ - شاكر) وبه قال ابن زيد، كما في «زاد المسير» (٣/ ٢٨٩).