استفاد المؤلف في هذا الكتاب من مصادر متنوعة في فنون متعددة، بعضها نقل منها مباشرة، وبعضها نقل منها بواسطة كتب أخرى. وقد وصلنا المجلد الرابع من «التعليقة الكبيرة في مسائل الخلاف» للقاضي أبي يعلى (ت ٤٥٨) من أصل أحد عشر مجلدًا، الذي يحتوي على بعض كتاب الاعتكاف وكتاب الحج وبعض كتاب البيوع، وطبع في ثلاثة أجزاء. وبالمقارنة بينه وبين «شرح العمدة»(كتاب الحج) ظهر لنا أن شيخ الإسلام اعتمد عليه اعتمادًا كبيرًا في ذكر روايات الإمام أحمد، وبيان أدلة المسائل ومناقشتها، والإشارة إلى أقوال أئمة الحنابلة مع التعليل والتوجيه والترجيح. بل نقل من بعض المصادر بواسطته كما يظهر ذلك بالمراجعة.
وقد كان شيخ الإسلام مهتمًّا بتتبّع روايات الإمام أحمد، والاطلاع على ما جُمِع منها في مجاميع، أو رُويت مفردةً منسوبة إلى الرواة عن الإمام. ويصرِّح بأن أبا بكر الخلّال قد طاف بالبلاد، وجمع من نصوصه في مسائل الفقه نحو أربعين مجلدًا، وفاته أمورٌ كثيرة ليست في كتبه (١). ويعرف الخصائص التي تتميز بها كلّ رواية فيقول: «حنبل وأحمد بن الفرج كانا يسألان الإمام أحمد عن مسائل مالك وأهل المدينة، كما كان يسأله إسحاق بن منصور وغيره عن مسائل سفيان الثوري وغيره، وكما كان يسأله الميموني عن مسائل الأوزاعي، وكما كان يسأله إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن مسائل أبي حنيفة وأصحابه، فإنه كان قد تفقَّه على مذهب أبي