للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان بقدمه أو بباطن خفِّه نجاسة لا تُزال إلا بنزعه، فقد قيل: هو كالوضوء قبل الاستنجاء، لأن الصلاة لا تمكن مع هذه الطهارة غالبًا إلا بنقضها. والصحيح: أنه يصحّ، لطهارته، ويستفيد بذلك مسَّ المصحف والصلاة، إن عجز عن إزالة النجاسة، كما لو توضَّأ وعلى فرجه نجاسة من غيره، بخلاف النجاسة الخارجة، فإنها لما أوجبت طهارتين جعلت إحداهما تابعة للأخرى.

ومن كان لابسًا خفًّا، فالمسح عليه أفضل من أن يخلعه ويغسل في أقوى الروايتين، لأن هذا كان عادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُنقل عنه أنه خلع وغسل؛ ولأن في ذلك ردًّا للرخصة وتشبُّهًا لأهل البدع، فيكون مفضولًا. والثانية: المسح والغسل سواء، لأن كلًّا منهما جاءت به السنة.

وأما من لا خفَّ عليه، فلا يستحبُّ له أن يلبسه لقصد المسح، كما لا يستحبُّ له أن يسافر لأن يقصر.

الثالث (١)

أن المسح إنما يجوز في الطهارة الصغرى دون الكبرى، لما روى صفوان بن عسَّال المرادي قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنَّا سَفْرًا ــ أو مسافرين ــ أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم. رواه أحمد والنسائي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (٢)


(١) يعني: الفصل الثالث، ويتلوه الرابع.
(٢) أحمد (١٨٠٩١)، والنسائي (١٢٦)، والترمذي (٩٦)، وابن ماجه (٤٧٨).

قال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة (١٧)، وابن حبان (١١٠٠).