للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: لا يستحبّ، وهو أظهر (١) لأنّ الذين وصفوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يذكروه، ولو كان مسنونًا لتكرر منه، فنقلوه؛ ولأنه ليس من الرأس حقيقةً ولا حكمًا. والحديث قد طعن فيه سفيان بن عيينة وأحمد وغيرهما، ولعله قد فعل ذلك مرةً لغرض، إذ لو داوم عليه لنقله مثلُ عثمان وعلي.

مسألة (٢): (ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ويُدخلهما في الغَسل).

لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦] وقد قرئت بالنصب والخفض (٣). وقال من قرأها بالنصب من الصحابة مثل علي وابن مسعود وابن عباس: عاد الأمر إلى الغَسل (٤).

ولو كان عطفًا على محلِّ الجار والمجرور، فهو وقراءة الخفض سواء في أنه يراد به الغَسل، فإن المسح اسم [٥٣/ب] لإيصال الماء إلى العضو، سواء سال الماء أو لم يسِل. قال أبو زيد: يقال تمسَّحت للصلاة (٥).

وأيضًا من لغة العرب أن الفعلين إذا تقارب معناهما استغنوا بأحدهما


(١) وانظر: "اختيارات ابن اللحام" (ص ١٢)، "مجموع الفتاوى" (٢١/ ١٢٧).
(٢) "المستوعب" (١/ ٦٦)، "المغني" (١/ ١٨٤ - ١٨٩)، "الشرح الكبير" (١/ ٣٦١ - ٣٦٢)، "الفروع" (١/ ١٨٣).
(٣) قرأها بالنصب من السبعة نافع وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية حفص، والباقون بالجرّ.
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (١٠/ ٥٥ - ٥٦).
(٥) نقله ابن قتيبة في غريب الحديث (١/ ١٥٣) عن أبي حاتم عن أبي زيد. وانظر: "الكشف والبيان" للثعلبي (٤/ ٢٧).