للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر الأثر المذكور يقتضي كراهة إطلاق «رمضان» عليه بكل حال؛ لأنه نهى أن يقال: «جاء رمضان» ــ ومعلومٌ أنّ هذه قرينةٌ ــ، ونَهى عن تسمية رمضان (١).

وقد روى أبو سعيد الأشجّ وغيره عن مجاهد (٢): أنه كره أن يقول: «رمضان»، ويقول: «شهر رمضان» كما سمى الله شهر رمضان.

ولعل وجه هذا ــ إن كان له أصل ــ أن يكون الله سبحانه وتعالى لما كان يرمضُ الذنوبَ في هذا الشهر على الشهر (٣) فيحرقها ويفنيها، كان هذا من أسمائه، لكن على هذا التقدير لا يُسمّى الشهر «رمضان» لا مطلقًا ولا مقيَّدًا؛ لأن الاسم لله سبحانه، اللهم إلا أن يُقال: الاسم مشترك يُسمَّى به الله سبحانه ويسمّى به الشهر، فيجوز مع القرينة أن يُعنَى به الشهر، كما قد قيل مثل هذا في الربّ والمَلِك والسيّد ونحو هذا.

وقال غيره من أصحابنا كابن الجوزي (٤): لا يُكره تسميته رمضان بحال. وهذا هو المعروف من كلام أحمد، فإنه دائمًا يطلق رمضان ولا يحترز عن ذلك؛ لما رُوي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -[ق ٣] قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاء رمضان، فُتِحَتْ أبوابُ الجنة» متفق عليه (٥).


(١) ينظر «الإنصاف»: (٧/ ٣٢٣).
(٢) أخرجه الطبري (٣/ ١٨٧) من طريق سفيان عن مجاهد، قال البيهقي في «الكبرى» (٤/ ٢٠٢): «ورُوي ذلك عن مجاهد والحسن البصرى والطريق إليهما ضعيف».
(٣) كذا في النسختين!
(٤) ق: «ابن الجوزي».
(٥) أخرجه البخاري (١٨٩٨)، ومسلم (١٠٧٩).