للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتاء في الاعتكاف تفيد ضَرْبًا من المعالجة والمزاولة لأن فيه كُلْفة، كما يقال: لَسَتَ والْتَسَتَ (١)، وعَمِل واعْتَمل، وقَطَع واقْتَطَع.

وربما حسب بعضهم أنه مُطَاوِع عَكَفَه فاعْتَكف، كما يقال: انعكف عليه، وهو ضعيف.

ولما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا مَن يحبُّه ويعظِّمه، كما كان المشركون يَعْكُفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكُف أهلُ الشهوات على شهواتهم= شَرَع الله سبحانه لأهل الإيمان أن يَعْكُفوا على ربهم سبحانه وتعالى.

وأخصُّ البقاع بذكر اسمه سبحانه والعبادة له بيوتُه المبنيةُ لذلك، فلذلك كان الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله فيه.

ولو قيل: لعبادة الله فيه لكان (٢) أحسن؛ فإن الطاعةَ موافقةُ الأمر، وهذا يكون بما هو في الأصل عبادة كالصلاة، وبما هو في الأصل غير عبادة، وإنما يصير عبادةً بالنية، كالمباحات كلّها؛ بخلاف العبادة فإنها التذلُّل للإله سبحانه وتعالى.

وأيضًا، فإن ما لم يُؤمَر به من العبادات، بل رُغّب فيه: هو عبادة، وإن لم يكن طاعة لعدم [ق ١٠٧] الأمر.

ويسمى أيضًا: الجِوار والمجاورة. قالت عائشةُ: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصغي


(١) في المطبوع: «لست وألست»!
(٢) ق: «كان».