للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه يُطلى بها السفن، ويُدهَن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إنَّ الله لما حرَّم شحومها جمَّلوه، ثم باعوه وأكلوا ثمنه" رواه الجماعة (١).

والكلام في فصلين: في أجزاء الميتة، وفي أجناسها.

أمّا أجزاؤها، فاللحم نجس، وكذلك الجلد. وقد تقدّم القول في العظم والشعر. وأمّا ما لا يموت بموتها كالبيض واللبن فإنه لا ينجس بالموت، لكن هل ينجس بنجاسة وعائه؟

أمّا البيض، فإذا كان قد تصلَّب قشره فهو طاهر مباح؛ لأنه لا يصل إليه شيء من النجاسة، كما لو غُمِس في ماء نجس، وكما لو طُبِخ في خمر أو ماء نجس. وكذلك لو سُلِق (٢) في ماء ملح أو مُرٍّ لم يتغير طعمه. وقال ابن عقيل: هو طاهر مباح وإن لم يتصلَّب، لأنّ جمودها وغشاءها الذي هو كالجلد مع لينه يمنع نفوذ النجاسة إليها، كما لو وقعت في مائع نجس (٣). والمشهور أنها تتنجَّس إذا لم تتصلَّب؛ لأنها في النمو، والحاجز غير حصين، فلا ينفك غالبًا من أن يشرب أجزاء عقيب الموت قبل ذهاب حرارة الحياة.

وأمّا اللبن والإنفَحَة فطاهر في إحدى الروايتين، لأن الصحابة فتحوا بلاد المجوس وأكلوا من جبنهم، مع علمهم بنجاسة ذبائحهم وأنَّ الجبن


(١) أحمد (١٤٤٧٢)، والبخاري (٢٢٣٦)، ومسلم (١٥٨١)، وأبو داود (٣٤٨٧)، والترمذي (١٢٩٧)، والنسائي (٤٢٥٦)، وابن ماجه (٢١٦٧).
(٢) يحتمل قراءة "سلقه" كما في المطبوع، والسياق يؤيد ما أثبتنا.
(٣) انظر: "المغني" (١/ ١٠١).