للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظنُّك تسلَم إلا أن تدخل بالليل، أو وقتًا لا يكون في الحمام أحد (١). قال القاضي: إن كان لا يسلَم من ذلك لم يجُزْ له الدخول. يعني: إذا غلب على ظنِّه رؤيةُ العورات.

هذا إذا قام بفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها، مثل تغييرِ ما يكون فيها من التماثيل المحرَّمة، وأمرِ المتعرِّين بالتستر، ونهيِ القَيِّم عن مسِّ عورات الناس عند تدليكهم. فإن لم يقدر أن يغيِّر المنكر بلسانه ولا بيده فلا يدخُلْها إلا لحاجة، كما لو لم يقدر أن يتحرَّز من النظر إلى العورات كما قلنا في الحاجة (٢) إلى.

ولأنَّ فيها المنكراتِ، والقعودَ مع قوم يشربون الخمر، أو قومٍ (٣) يخوضون في آيات الله أو يغتابون؛ فإنَّ الأمور المحرَّمة إنما يباح منها ما تدعو إليه الحاجة. ولهذا حُرِّمت على النساء إلا لحاجة، [١٤٤/ب] لأنَّ المرأةَ كلَّها عورة، ولا يحِلُّ لها أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها.

ومتى دخلها لحاجة أو غير حاجة وجب عليه أن يقوم بفرض التغيير، إمَّا بيده أو بلسانه. والأفضلُ اجتنابها بكلِّ حال، مع الغنى عنها، لأنَّها مما أحدث الناسُ من رقيق العيش، ولأنها مظنَّة النظر في الجملة.

وقد روى أبو سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظُرُ الرجلُ إلى عورة الرجل، ولا المرأةُ إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجلُ إلى الرجل في الثوب الواحد،


(١) وانظر: «مسائل الكوسج» (٩/ ٤٦٩٠).
(٢) في الأصل: «الإباحة» ثم كتب فوقها بخط أصغر: «حاجة»، والظاهر أن بعد «إلى» سقطًا في العبارة. وفي المطبوع لم يُثبت شيئًا بعد «قلنا».
(٣) في الأصل: «أقوم»، أسقط الناسخ الواو من «أو».