للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. متفق عليه، لفظ مسلم (١).

ولفظ البخاري (٢): عن عاصم بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الصفا والمروة، قال: كنّا نرى [أنهما] من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكْنا عنهما، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فذكر إلى {بِهِمَا}.

فهذا أنس بن مالك قد علم سبب نزول الآية، وقد كان يقول: «إنه تطوُّع» (٣)، فعُلِم أنه فَهم من الآية أنها خرجت مخرجَ الندب والترغيب في التطوع.

وأما من قال: إنها واجبة في الجملة، وهو الذي عليه جمهور أصحابنا، فإن الله قال: هما {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، وكل ما كان من شعائر الله فلا بدَّ من نُسكٍ واجبٍ بهما، كسائر الشعائر من عرفة ومزدلفة ومنى والبيت، فإن هذه الأمكنة جعلها الله شعائر له (٤)، يُذكَر فيها اسمه، ويُتعبد فيها له ويُنسَك، حتى صارت أعلامًا، وفَرض على الخلق قصدَها وإتيانها. فلا يجوز أن يُجعَل المكان شعيرةً لله وعَلَمًا له، ويكون الخلق مخيَّرين بين قصدِه والإعراضِ عنه؛ لأن الإعراض عنه مخالف لتعظيمه، وتعظيم [ق ٣٧٤]


(١) رقم (١٢٧٨).
(٢) رقم (٤٤٩٦). ومنه زيادة ما بين المعكوفتين.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٩٦٦) وقال: حسن صحيح، والطبري (٢/ ٧٢٣) وابن أبي حاتم (١/ ٢٦٧) في تفسيريهما.
(٤) «شعائر له» ساقطة من المطبوع.