للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما النذر؛ فأربعة أقسام:

أحدها: أن يكون نذرًا معيَّنًا، مثل أن يقول: لله عليَّ أن أعتكف هذا الشهر، أو هذا العشر، أو العشر الأواخر من (١) رمضان، ونحو ذلك، ففيه روايتان، ويقال: وجهان، مبنيان على روايتين منصوصتين في الصيام:

إحداهما: يبطُل ما مضى من اعتكافه، وعليه أن يبتدئ الاعتكاف، فيعتكف ما بقي من المدة، ويصله باعتكافه (٢) ما فوَّته منها؛ لأنه وجب عليه أن يعتكف تلك الأيام متتابعةً، فإذا أبطلَ الاعتكافَ قطع التتابعَ، فعليه أن يأتي به في القضاء متتابعًا؛ لأن القضاء يحكي الأداء، ووجب عليه أن يعتكف ما بقي من المدَّة لأجل التعيين، وهذا أولى من الصوم، لأن الصوم عبادة (٣) يتخلّلها ما ينافيها، فإذا أفطر يومًا لم يلزم منه فطر يوم آخر، بخلاف (٤) الاعتكاف، فإنه عبادة واحدة متواصلة، فإذا أبْطَل آخرَها، بطل أولُها، كالإحرام وصوم اليوم الواحد والصلاة. (٥)

والرواية الثانية: لا يبطل ما مضى من اعتكافه، بل يبني عليه ويقضي ما تركَه، وإن شاء قضاه متتابعًا، وإن شاء متفرقًا، وإن شاء وَصَلَه بالمدة المنذورة، وإن شاء فصَلَه عنها، لأن التتابع إنما وجب تبعًا للتعيين في الوقت، فإذا فات التعيينُ، سقط التتابع لسقوطه، كمن أفطر يومًا من رمضان، فإنه يبني على ما صام منه، ويقضي يومًا مكان ما ترك، وعليه كفارة يمين لما فوَّته من التعيين في


(١) س: «من شهر».
(٢) س: «بالاعتكاف».
(٣) في النسختين والمطبوع: «عبادات»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) «ما ينافيها ... بخلاف» سقط من ق.
(٥) بياض في النسختين.