للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما صوم السبعة فقياس المذهب أنه لا يجوز تأخيره بعد الرجوع إلى الأهل، كما لا يجوز تأخير الكفارات والنذور، وأولى؛ لأن الأمر المطلق يقتضي البِدارَ إلى الفعل، ولأنه قد قال تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ}، وهذا توقيت له، فلا يجوز تأخيره عن وقته؛ لأن «إذا» ظرف من ظروف الزمان.

وأيضًا فإن قوله: {إِذَا رَجَعْتُمْ} إما أن يكون تقييدًا لأول وقت الفعل (١) أو لآخره. ولا يجوز أن يكون وقتًا لأوله لما تقدم، فعُلِم أنه وقتٌ لآخره؛ لأنه لو قال: «سبعة بعد ذلك» لظنَّ ظانٌّ وجوبَ تقديمها إلحاقًا لها بالثلاثة، فقال: {إِذَا رَجَعْتُمْ} بيان لجواز تأخيرها، ولو أريد بجواز التأخير مطلقًا لقيل: وسبعة من أيام أخر، أو متى شئتم، ونحو ذلك.

فإن مات ولم يصم، فقال أحمد في رواية المرُّوذي (٢): إذا مات ولم يصم السبعة أيام يُطعَم عنه بمكة موضع وجب عليه.

وهذا يقتضي وجوب الإطعام عنه بكل حال، سواء قدر على الصيام أو لم يقدر؛ لأنه أطلق، وبيَّن أنها وجبت عليه بمكة، وهو لا يتمكَّن من صومها بمكة في الغالب.

وهذا هو الصواب، وهو قياس مذهبه؛ لأنه قد تقدَّم أن الهدي والصوم عنه يجب إما بالإحرام أو بالوقوف. ولا معنى لوجوبه إلا وجوب الإخراج عنه إذا مات، كما قد نصَّ عليه في الهدي (٣)؛ فإنه نصَّ على أنه يخرج عنه إذا


(١) في هامش النسختين: خ الوجوب.
(٢) كما في «التعليقة» (٢/ ٢٦٤)، وقد سبق ذكرها.
(٣) تقدم ذكره.