للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيانُ، ألا تراه يقول: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥]. وخصال كفارة اليمين وفدية الأذى كلُّ واحدةٍ قائمةٌ بنفسها، غير متعلقة بالأخرى.

وأما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه للجزاء من النَّعم دون الإطعام والصدقة، فذاك ــ والله أعلم ــ لأنهم قصدوا بيان الجزاء من النعم؛ لأنه هو الذي يُحتاج فيه إلى الحكم. والطعام والصدقة يُعرفان بمعرفته ولا يفتقران إلى حكم؛ ولأن التكفير بالجزاء أفضل وأحسن، وهو أمّ (١) خصال الجزاء، وقد كانوا يعلمون من حال السؤَّال أن قصدهم بيان الجزاء، لا ذكر الصدقة والصيام.

وأيضًا ففي الحديث الذي ذكرناه في بَيض النَّعام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه: أن بكل بيضةٍ صوم يوم أو إطعام مسكين، فقد خيَّره بين الصدقة والصيام. والخيرة إلى القاتل في الخصال الثلاثة دون الحكمين؛ لأن الله إنما جعل حكم الحكمين في الجزاء خاصةً، دون الصدقة والصيام.

فصل

وعلى الروايتين: إذا كفَّر بالطعام فلا يخلو إما أن يكون الصيد (٢) مما له مثلٌ أو مما لا مثل له:

فإن كان له مثل فلا بدَّ من معرفة المثل، ثم يُقوَّم المثل فيُشترى بقيمته طعام. هذا أشهر الروايتين عن أبي عبد الله، قال في رواية ابن القاسم (٣): إذا قتل المحرم الصيد ولم يكن عنده جزاء، فإنما يُقوَّم المثل ولا يُقوَّم الصيد،


(١) في المطبوع: «أهم» خلاف النسختين.
(٢) في النسختين: «الصدقة» تحريف.
(٣) كما في «التعليقة» (٢/ ٣٢٨، ٣٢٩).