للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في معرض الاقتضاء فإنما (١) ذُكِرت في سياق النفي والنهي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما مثَّل بالعُرَنِيّين نهاه الله سبحانه عن المثلة (٢)، وبيَّن أنه ليس جزاؤهم إلا واحدة من هذه الخصال، فلا يُنقَصوا عنها لأجل جرمهم، ولا يُزادوا عليها لأنه ظلم، وفي مثل هذا لا تكون «أو» للتخيير.

ولو قيل: إن ظاهر لفظها كان التخيير (٣)، لكان (٤) في سياقها ما يدل على أنه لم يرد التخيير (٥)، فإن العقوبات التي تُفعل بأهل الجرائم لا يكون الوالي مخيَّرًا تخييرَ شهوةٍ وإرادةٍ بين تخفيفها وتثقيلها؛ لأن هذا يقتضي إباحة تعذيب الخلق؛ لأن ذلك القدر الزائد من العذاب له أن يفعله وله أن لا يفعله من غير مصلحة، ومثل هذا يُعلَم أنه لا يُشرَع. فعُلِم أن مقتضاها العقوبة بواحدٍ منها عندما يقتضيه.

وأما قولهم: «تلك الآيات بدأ فيها بالأخفّ، بخلاف آية الجزاء»، فنقول: إنما بدأ في آية الصيد بالجزاء؛ لأن قدر الإطعام وقدر الصيام مرتَّب على قدر الجزاء، فما لم يُعرف الجزاء لا يُعرف ذلك. ولو بدأ (٦) فيها بالصيام لم يحصل


(١) في المطبوع: «إنما».
(٢) قصة العرنيين في «صحيح البخاري» (٢٣٣ ومواضع أخرى) ومسلم (١٦٧١)، وليس فيها أن الله نهاه عن المثلة أو عاتبه علىها، وإنما ورد ذلك في بعض الروايات المرسلة في «تفسير الطبري» (٨/ ٣٦٨، ٣٦٩) و «السنن الكبرى» للبيهقي (٨/ ٢٨٣) وغيرهما.
(٣) في المطبوع: «للتخيير».
(٤) في النسختين: «لكن».
(٥) في المطبوع: «للتخيير».
(٦) س: «بدى».