للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يقال: جالِسِ الحسنَ أو ابن سيرين، وتعلَّمِ الفقه أو النحو. هذا هو الذي ذكره أهل المعرفة بلغة العرب في كتبهم (١). قالوا: وإذا كانت في الخبر فقد تكون للإبهام، وقد تكون للتقسيم، وقد تكون للشك. وعلى ما ذكروه (٢) تُخرَّج معانيها في كلام الله، فإن قوله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، وقوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: ٨٩]، وقوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥]، وإن كان مخرجه مخرج الخبر فإن معناه معنى الأمر، فيكون الله قد أمر بواحدةٍ من هذه الخصال، فيفيد التخيير.

و [مما ورد في سياق الخبر] (٣) قوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤]، وقوله: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦]، وقوله: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ} [آل عمران: ١٢٧]، وقوله: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} [آل عمران: ١٢٨].

وأما آية المحاربين فلم يُذكروا في سياق الأمر والطلب، بل هي في سياق الخبر عن الجزاء الذي يستحقونه، ثم قد عُلِم من موضع آخر أن إقامة الحدود واجبة على ذي السلطان؛ ولهذا لا يُفهَم من مجرد هذا الكلام إيجابُ أحد هذه الخصال، كما يفهم ذلك من آيات الكفارات. ثم لو كانت


(١) انظر «مغني اللبيب» (ص ٦٤).
(٢) في المطبوع: «ذكره» خطأ.
(٣) زيادة ليستقيم السياق.