للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣]. وإنما يوجب التخييرَ إذا ابُتدِئ بأسهل الخصال، كقوله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦]، وقوله: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩]، فلما بدأ بالأسهل عُلِم أنه يجوز إخراجه. وفي هذه الآية وقع الابتداء بأشدِّ الخصال، كما ابتُدِئ بذلك (١) في آية المحاربين، فوجب أن يكون على الترتيب.

ووجهُ الأولى (٢) ــ وهي اختيار الخِرقي (٣) والقاضي (٤) وأصحابه، ويُشبِه أن تكون هي المتأخرة؛ لأن البغوي إنما سمع منه آخِرًا (٥)، بخلاف ابن الحكم فإن رواياته قديمة؛ لأنه مات قبل أحمد ــ قولُه: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥].

وحرف «أو» إذا جاءت في سياق الأمر والطلب فإنها تفيد التخيير بين المعطوف والمعطوف عليه، أو إباحةَ كلٍّ منهما على الاجتماع والانفراد،


(١) «بذلك» ساقطة من المطبوع.
(٢) أي الرواية الأولى المفيدة للتخيير.
(٣) في «مختصره» مع «المغني» (٥/ ٤١٥).
(٤) في «التعليقة» (٢/ ٣٣١).
(٥) في المطبوع: «آخر» خطأ.