للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إعادته مشقة عظيمة. والوضوء يندر ذلك فيه، وتخفّ مؤونة الإعادة، فافترقا. ولأن الوضوء يتعدَّى حكمُه محلَّه إلى سائر البدن، وذلك لا يكون إلا جملةً. والغسلُ لا يتعدَّى حكمُه محلَّه، فأشبه إزالة النجاسة، كما أشار إليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ تحت كلِّ شعرة جنابةً" (١).

ومتى فرَّق الغسلَ فلا بدَّ من نية يستأنفها في تمامه. وكذلك الوضوء إذا أجزنا (٢) تفريقه ; لأن النية الحكمية تبطل بطول الفصل، كما تبطل بطول الفصل قبل الشروع.

ولا تسقط الموالاة بالنسيان، فلو نسي موضع ظفر من قدمه وطال الفصل، أعاد الوضوء إذا ذكره. وكذلك الجاهل، لأن الذي أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة الوضوء كان جاهلًا، ولم يعذره بذلك.

وحدُّ الموالاة: أن يغسل العضو الثاني قبل أن يجفَّ الماء عن الذي قبله، في الزمن المعتدل، أو بمقداره (٣) من الشتاء والصيف. فلو لم يشرع


(١) أخرجه أبو داود (٢٤٨)، والترمذي (١٠٦)، وابن ماجه (٥٩٧)، من طرق عن الحارث بن وجيه، عن مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة به.

قال أبو داود: "الحارث بن وجيه حديثه منكر، وهو ضعيف"، وقال الترمذي: "حديث الحارث بن وجيه حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديثه، وهو شيخ ليس بذاك، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرد بهذا الحديث، عن مالك بن دينار".
وفي الباب عن علي وعائشة وأنس وأبي أيوب، انظر: "البدر المنير" (٢/ ٥٧٥ - ٥٧٧).
(٢) في الأصل والمطبوع: "أخرنا"، تصحيف.
(٣) في المطبوع: "مقداره" خلافًا للأصل.