للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٥/ب] مسألة (١): (ويغسل كفَّيه ثلاثًا).

هذا مسنون لكلِّ متوضئ، سواء إن تحقَّق طهارتها أو شكَّ في ذلك. وهي من جملة الوضوء، حتى لو غسلها قبل الوضوء استحبّ له إعادة غسلها بعد النية. وكذلك الذي يوضِّئ الميت، يستحبّ له أن يغسل كفَّيه كلّما وضَّأه، نصَّ عليه. وذلك لأن الذين [وصفوا] (٢) وضوءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا أنه كان يبدأ، فيغسل كفَّيه ثلاثًا؛ ولأن اليد آلة لنقل الماء، فاستحبَّ تطهيرُها تحقيقًا لطهارتهما، وتنظيفًا لهما، وإدخالًا لغسلهما في حيِّز العبادة، ولو أنه على سبيل التجديد.

فأمّا إن كان المتوضئ قد قام من نوم الليل كان غسلُهما أوكد حتى يُكره تركه. وهو واجب في إحدى الروايتين، قال القاضي وأصحابه: لا عن حدَثٍ ولا عن نجَسٍ، لكن تعبُّد (٣). اختارها أبو بكر وأكثر أصحابنا (٤)، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمِسْ يدَه في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده" متفق عليه (٥)، إلا أن البخاري لم يذكر العدد، ومقتضى الأمر الإيجاب، لا سيَّما وغسلُ اليد مستحبّ مطلقًا، فلما خصّ به هذه الحال دلّ على وجوبه.


(١) "المستوعب" (١/ ٦٢)، "المغني" (١/ ١٣٩ - ١٤٤)، "الشرح الكبير" (١/ ٢٧٧ - ٢٧٩)، "الفروع" (١/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل. وفي المطبوع: "الذين وضأوا رسول الله".
(٣) انظر: "الهداية" (١/ ٥٣) و"المستوعب" (١/ ٦٢).
(٤) "المغني" (١/ ١٤٠) و"شرح الزركشي" (١/ ١٦٨).
(٥) البخاري (١٦٢) ومسلم (٢٧٨) واللفظ له.