للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي معنى ذلك: كلُّ ما يحتاج إلى الخروج له، وهو ما يخاف من تركه ضررًا في دينه أو دنياه، فيدخل في ذلك الخروج لفعل واجب وترك محرم وإزالة ضرر، مثل: الحيض، والنفاس، وغسل الجنابة، وأداء شهادة تعيَّنت عليه، وإطفاء حريق، ومرض شديد، وخوف على نفسه من فتنة وقعت، وجهاد تعيَّن، وشهود جمعة، وسلطان أحْضَره، وحضور مجلس حكم، وقضاء عدم الوفاء، وغير ذلك، فإنه يجوز له الخروج لأجله، ولا يبطل اعتكافُه، لكن منه ما يكون في حكم المعتكِف إذا خرج بحيث يُحْسَب له من مدة الاعتكاف ولا يقضيه ــ وهو ما لا يطول زمانه ــ، ومنه ما ليس كذلك وهو ما يطول زمانه، كما سنذكره (١) إن شاء الله تعالى.

ويدلّ على جواز الخروج لما يعرض من الحاجات، وإن لم يكن معتادًا مع احتسابه من المدة: ما (٢) روى عليُّ بن الحسين: أن صفية زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثَتْ عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - معها يقلبها، حتى إذا بلغت بابَ المسجد عند باب أم سلمة، مرَّ رجلان من الأنصار، فسلَّما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على رِسْلِكُما، إنها صفية بنت حُيَيّ». فقالا: سبحان الله! وكَبُر عليهما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدَّمِ، وإني خشيت أن يُلْقي في أنفسكما شيئًا» رواه الجماعة إلا الترمذي (٣).


(١) س: «سيذكر».
(٢) س: «لما».
(٣) أخرجه أحمد (٢٦٨٦٣)، والبخاري (٢٠٣٨، ٣٢٨١)، ومسلم (٢١٧٥)، وأبو داود (٢٤٧٠، ٤٩٩٤)، والنسائي في «الكبرى» (٣٣٤٣)، وابن ماجه (١٧٧٩).