للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما حديث عائشة (١)، ففي إسناده معاوية بن صالح، وقد تُكلِّم فيه، والذي يضعّفه: أن المشهورَ عن عائشة أنها كانت تصوم هذا اليوم وتقول: «لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان». فكيف تروي الحديثَ في مثل هذا وتعمل بخلافه؟! وهذا علةٌ ظاهرة فيه.

الجواب الثاني (٢): تأويل أبي إسحاق بن شَاقْلا وابن حامد والقاضي وغيرهم، وهو أن تُحمَل الأحاديث في إكمال عدة شعبان على ما إذا غُمّ هلالُ رمضان وهلالُ شوال، فإنه هنا يجب إكمال عدّة شعبان ثلاثين يومًا، وإكمال عدّة رمضان ثلاثين يومًا، فيصوم، فيقدّر أنّ يوم الغيم لم يكن من رمضان حتى يصوم أحدًا وثلاثين يومًا، دلّ (٣) على ذلك: أن قوله: «فإن غُمّ عليكم» بعد (٤) الجملتين، فيعود إليهما جميعًا، ويكون فائدة الحديث التحذير من أن يُحتَسَب يوم الغيم من رمضان بكلّ حال، فيُبنى (٥) على ذلك تمام ثلاثين يومًا، فيفضي إلى فطرِ آخرِ يوم من رمضان، وهذا المعنى هو الذي قصَدَه عمرُ - رضي الله عنه - بقوله: «ليتّقِ أحدُكم أن يصوم يومًا من شعبان ويفطر يومًا من رمضان». وكذلك أنس بن مالك - رضي الله عنه - في قوله: «هذا اليوم يَكمُلُ لي واحد وثلاثون يومًا» (٦)، ولعلّ يوم الشكّ واستقبال الشهر


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم الجواب الأول (ص ٨٨).
(٣) في النسختين والمطبوع: «فدل» ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) في النسختين والمطبوع: «وبعد» ولعل الصواب بدونها.
(٥) في النسختين والمطبوع: «بيوم الغيم .. فبنى» ولعل الصواب ما أثبت.
(٦) تقدم تخريجهما. ووقع في النسختين والمطبوع: «واحدًا وثلاثين» والصواب ما أثبتّ.