للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمفهوم من هذا في عُرف أهل اللغة والشرع هو المسُّ المقصود من النساء، وهو اللمسُ للتلذّذ وقضاء الشهوة، فإنّ اللمس لغرض آخر لا يُفهم (١) من تخصيص النساء بالمسِّ، إذ لا فرق بينهن وبين غيرهن في ذلك المسِّ واللّمس، وإن كان عامدًا؛ لكن نسبته إلى النساء أوحت تخصيصه بالمقصود من مسِّهن، كما خصَّ في الطفلة وذوات المحارم.

ويدلّ على ذلك أنّ كلَّ مسٍّ ومباشرةٍ وإفضاءٍ ذُكِر في القرآن، فالمراد به ما كان مع الشهوة. وجميعُ الأحكام بمسِّهن مثل تحريم ذلك على المُحرِم والمعتكف، ووجوب الفدية في الإحرام، وانتشار حرمة المصاهرة، وحصول الرجعة عند من يقول بذلك= إنما تثبت في مسِّ الشهوة.

ولا يقال: مسُّ النساء في الجملة هو مظنة أن يكون لشهوة، فأقيم مقامه؛ لأنَّا (٢) نقول: إنَّ الحكمة إذا كانت ظاهرةً منضبطةً نيط الحكمُ بها دون مظنتها، وهي هنا كذلك، بدليل سائر الأحكام. ولأنَّ اللمس مع الشهوة هو المظنة لخروج المذي والمني، فيقام مقامه، كالنوم مع الريح؛ بخلاف الخالي من الشهوة، فإنه كنوم الجالس يسيرًا.

ولو كان المراد به الجماع خاصّةً لاكتفي بذكره في قوله {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، أو (٣) أعيد باسمه الخاصِّ، وهو الجنابة، ليتميَّز به عن غيره، وليعُمَّ الجنابة بالوطء وبالاحتلام (٤).


(١) في الأصل: «فلا يفهم». وأخشى أن يكون «فإن اللمس» صوابه: «فأمّا اللمس».
(٢) في المطبوع: «لأننا»، والمثبت من الأصل.
(٣) في الأصل: «لو»، تحريف. وفي المطبوع: «ولو».
(٤) في الأصل والمطبوع: «وبالاختلاف» والظاهر أنه تصحيف ما أثبتنا.