للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجميع المواضع المذكورة في القرآن، فإن المراد بها: المسُّ لشهوة مطلقًا من الجماع وما دونه، كقوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]، وقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: ١٨٧]، وقوله: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ} [البقرة: ١٩٧]، [١٠٢/ب] وقوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦]، وقوله: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (١) [الأحزاب: ٤٩].

وحينئذ فيكون قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: ٦] يعمُّ نوعَي الحدث الأكبر والأصغر، كما قال ابن عمر، ويفيد التيمُّم لها.

ويدل على الوضوء مع الشهوة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المجامعَ إذا لم يُمْنِ أن يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره، حين كان «لا ماءَ إلَّا من الماء» (٢)، فلو (٣) لم يكن المسُّ ينقض الوضوء لَمَا أمرَ بذلك. ثم بعد ذلك فُرِض الغسلُ، وذلك زيادةٌ على ما وجب أولًا، لا رفعٌ له.

وروى معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ، فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجلٍ أصاب من امرأة لا تحِلُّ له، فلم يدع شيئًا يصيب الرجل من المرأة إلا قد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: «توضَّأْ وضوءًا حسنًا، ثم قُمْ فصَلِّ». قال: فأنزل الله هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ


(١) في المطبوع أثبت مكانها الآية (٢٣٧) من سورة البقرة.
(٢) انظر: «صحيح البخاري» (٢٩٢، ٢٩٣) و «صحيح مسلم» (٣٤٣ - ٣٥٠).
(٣) «فلو» ساقط من المطبوع.