للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هذا النداء بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث أبا بكر يقيم للناس الحج، ويقطع العهود التي بينه وبين المشركين وينهاهم عن الحج، وبعث عليًّا - رضي الله عنه - يقرأ سورة براءة ويَنبِذ إلى المشركين.

وعن زيد بن أُثَيع ــ ويقال: يُثَيع ــ قال: سألت عليًّا بأي شيء بُعِثْتَ؟ قال: بأربعٍ: «لا يدخل الجنةَ إلا نفسٌ مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - عهدٌ فعهده إلى مدته، ومن لا مدةَ له فأربعة أشهر». رواه أحمد والترمذي (١)، وقال: حديث حسن صحيح.

وقد منع الله سبحانه المشركين من اليهود والنصارى وغيرهم من سُكنى جزيرة العرب، مبالغةً في نفيهم عن مجاورة البيت.

ومن عُرِف بالكفر ثم حجَّ، حُكِم بإسلامه في أصح الوجهين.

فأما وجوبه عليهم بمعنى أنهم يؤمرون به بشرطه، وأن الله يعاقبهم على تركه، فهو ظاهر المذهب عندنا (٢)، لأن الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧]، فعمَّ ولم يخُصَّ.

وروى أحمد (٣) عن عكرمة قال: لما نزلت: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ


(١) أحمد (٥٩٤) والترمذي (٨٧١) والحاكم (٣/ ٥٢) وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه».
(٢) انظر «المغني» (٥/ ٦) و «الإنصاف» (٨/ ١٠).
(٣) لم أجده عند الإمام أحمد. وقد أخرجه الشافعي في «الأم» (٣/ ٢٦٩)، والطبري في «تفسيره» (٥/ ٥٥٦)، والبيهقي في «الكبرى» (٤/ ٣٢٤)، وغيرهم.