للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يصلُّون إلى بيت المقدس، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجعل الكعبة بينه وبينها محبَّةً منه لقبلة إبراهيم. فلما هاجر صلَّوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا وبعضَ آخر، ثم حُوِّلت القبلة إلى الكعبة. فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ، فقال: إنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِر أن يستقبل القبلة، فاستقبِلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة (١). والأحاديث في ذلك مشهورة متواترة.

وقال - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي [ص ١٩٤] المسيء في صلاته: «إذا قمتَ إلى الصلاة، فأسبِغ الوضوءَ، ثم استقبِل القبلةَ، فكبِّر» متفق عليه (٢).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى صلاتَنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم، له ذمة الله ورسوله، فلا تُخْفِروا الله في ذمته» رواه البخاري (٣).

[الفصل الثاني: أن استقبال القبلة يسقط مع العلم بجهتها في موضعين]

أحدهما: إذا عجز عن استقبالها، لخوفه إن استقبلها من عدوٍّ أو سَيل أو سَبُع، بأن يهرب من العدوِّ المباحِ هربُه منه، أو يسايفه العدو الذي يباح له أن يسايفه؛ وإمّا أن يكون مربوطًا إلى غير القبلة، أو يكون بين حائطين ولا يمكنه الاستدارة إلى القبلة؛ وإمَّا بأن يكون مريضًا لا يجد من يديره= فإنه في هذه الحال لا يتعيَّن عليه استقبال جهة الكعبة، بل أيُّ جهة قدرَ على الصلاة


(١) أخرجه البخاري (٤٠٣) ومسلم (٥٢٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٢٥١) ومسلم (٣٩٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) برقم (٣٩١).