للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها فهي قبلته، لأنَّ في حديث ابن عمر: فإن كان خوفٌ أشدُّ من ذلك صلَّوا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها. قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. هكذا رواه البخاري (١). ورواه ابن ماجه (٢) مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير تردُّد. ولأنَّ عبد الله بن أنيس لما بعثه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لقتل خالد بن سفيان الهذلي صلَّى ماشيًا بالإيماء إلى غير الكعبة (٣).

وهذا لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]. وهذه الآية تعُمُّ جميعَ المصلِّين، لكن نُسِخ منها أو خُصَّ منها القادرُ، فيبقى حكمها في العاجز، كما جاء في الحديث. ولأنَّ الله لا يكلِّف نفسًا إلّا وسعها، فإذا تضرَّر باستقبال الكعبة كان أن يصلِّي إلى جهة أخرى أولى من تفويت الصلاة.

فإن قيل: فهلَّا أوجبتم الإعادة على المربوط ونحوه؛ لأنه ترك الشرط


(١) برقم (٤٥٣٥) وقد سبق قريبًا.
(٢) برقم (١٢٥٨).
(٣) أخرجه أحمد (١٦٠٤٧)، وأبو داود (١٢٤٩)، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن أنيس، عن أبيه به.
صححه ابن خزيمة (٩٨٣)، وابن حبان (٧١٦٠)، وحسنه ابن حجر في «فتح الباري» (٢/ ٤٣٧).

وعبد الله بن عبد الله لم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأورده ابن حبان في «الثقات» (٥/ ٣٧)، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٦/ ٣٠٠): «رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، وفيه راو لم يسم وهو ابن عبد الله بن أنيس، وبقية رجاله ثقات».