للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين المقبرة حائل آخر وذكر بعضهم أن هذا منصوص أحمد لقوله المتقدِّم في رواية الأثرم.

وقال القاضي: إذا لم يكن ــ يعني المصلِّي ــ في أرض المقبرة، بل كانت المقبرة أمامه، فقال شيخنا: إن كان بينه وبينها حاجز جازت الصلاة، لأنه ليس يصلِّي فيها ولا إليها. وإن لم يكن بينه وبينها حاجز لم تجُز الصلاة، كما لو كان في أرضها. فإن كان بينه وبين هذه الأشياء عدَّة أذرع لم تكره الصلاة، على ما نصَّ عليه في رواية المرُّوذي.

فصل

وأما الصلاة في سائر المواضع المنهي عنها، فقال القاضي: تكره الصلاة إليها، كما تكره إلى هذه المواضع. فتكره الصلاة إلى الطريق [ص ١٧٥] وأعطان الإبل والمجزرة، لأنَّ النصَّ على واحد منها تنبيهٌ على غيرها، ولأنَّها مظانُّ النجاسات.

وقال كثير من أصحابنا: لا تكره الصلاة إلى بقية المواضع. وهذا هو المنصوص عن أحمد في بعضها. قال في رواية ابن هانئ ــ وقد سئل عن الصلاة إلى شطِّ النهر، والطريقُ أمامه ــ: أرجو أن لا يكون به بأس، ولكن طريق مكة يعجبني أن يتنحَّى عنه (١). ونحو ذلك نقل المرُّوذي. وذلك لأنَّ الأثر لم يرِد بذلك، ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان تُنصَب له العنزةُ، فيصلِّي إليها، والناس يمرُّون بين يديه (٢). وقال: «إذا صلَّى أحدكم فليجعل بين يديه مثل


(١) «مسائل ابن هانئ» (١/ ٦٧).
(٢) كما في حديث أبي جحيفة. أخرجه البخاري (٣٧٦) ومسلم (٥٠٣).