للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكرهه. قال: وإنما كره ذلك لأن من الناس من يقول: إنهم أنجاس. وقد كُره للانسان أن يصلِّي مستقبلًا لنجاسة، لأنَّ قبلته جهة رحمته. ولهذا منع القاضي أن يستقبل القبلة بغائط أو بول، فأولى أن يكره للمصلِّي ذلك.

وقال غير القاضي: لا تُكرَه (١) الصلاة إلى شيء من النجاسات.

ولا فرق عند عامَّة أصحابنا بين أن يكون الحُشُّ في ظاهر جدار المسجد أو في باطنه. واختار ابن عقيل أنه إذا كان بين المصلِّي وبين الحشِّ ونحوه حائل مثل جدار المسجد لم يُكرَه، كما لو كان بينه وبين المارِّ حائل.

والأول هو المأثور عن السلف، وهو المنصوص، حتَّى قال في رواية أبي طالب في رجل حفَر كنيفًا إلى قبلة المسجد: يُهدَم. وقال في رواية المرُّوذي في كنيف خلف قبلة المسجد: لا يصلَّى إليه. وقيل له: إنَّ الدار لأيتام، والحائط لهم، ترى أن يضرب على الحائط ساج أو شيء؟ قال: إن كان وصيًّا غيَّر الكنيفَ أو حوَّلَه. وإن كانوا (٢) صغارًا لم يرخّص لهم أن يضربوا عليه الساج. وقال: يعجبني أن يكون بينهما أذرع. فقيل له: يضيق المسجد. فقال: وإن ضاق. قال القاضي: فقد نصَّ على إزالة الحُشِّ من ظهر القبلة، وبيَّن أنه إذا جُعل بينه وبين المسجد حائل بالساج لا يزيل الكراهة حتى يفصل بين الحُشِّ وبين قبلة المسجد. قال ابن حامد وغيره: ومتى كان بين الحُشِّ وبين حائط المسجد حائط آخر جازت الصلاة إليه.

فأما المقبرة إذا كانت قُدَّامَ حائط المسجد، فقال الآمدي وغيره: لا تجوز الصلاة إلى المسجد الذي قبلته إلى المقبرة، حتَّى يكون بين حائطه


(١) في المطبوع: «لا نكره»، والصواب ما أثبت من الأصل.
(٢) في الأصل: «كان».