للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحّ الوجهين، وفي الآخر تثبت الأحكام التي بين الناس تبعًا لوجوب الصوم، كما تثبت شهادة الواحد تبعًا، وليس بجيد؛ لأن في ذلك إسقاطًا (١) لحقٍّ ثابت بمجرَّد الشكّ، وذلك لا يجوز، ولأن الصوم إنما وجب احتياطًا، وليس في حقوق الآدميين احتياط، ولأن الوقوع والحلول مما لا يتكرّر، وما لا يتكرّر لا يُشرَع فيه الاحتياط كالصلاة والوقوف، ولهذا لو شهد واحد بهلال رمضان وجب الصوم.

وقد ذكر القاضي أبو الحسين (٢): هل يُصام هذا اليوم حُكمًا من رمضان أم قطعًا؟ على وجهين: أصحهما حُكمًا، اختاره الخلال وصاحبه والخرقي والقاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى (٣). قال الخلال: يُصام بعزيمة من رمضان في الحُكم، لا قطع عين في الحقيقة.

والوجه الثاني: ذكر القاضيان أن بعض أصحابنا (٤) قال: يصوم قطعًا، وصاحب هذا الوجه إن أراد به أن يقطع النية، فهذا صحيح عند هؤلاء، كما أن الأسير إذا اشتبهت عليه الأشهر تحرَّى وصام جازمًا بالنية وإن لم يجزم بوجود المَنْويّ، وإن عَنى أنه يقطع بدخول الشهر، فلا وجه لهذا.

ولو حلف أن الهلال تحت الغيم أو أنه لم يطلع، لم يحنث، كما لو حلف أن هذا الطائر غراب وطار ولم يعلم ما هو، ذكره القاضي. ويتخرّج: أن يحنث.


(١) في النسختين والمطبوع: «إسقاط» والوجه ما أثبت.
(٢) ينظر «التمام»: (١/ ٢٩٢).
(٣) ينظر «مختصر الخرقي» (ص ٥١)، و «الإرشاد» (ص ١٤٥) لابن أبي موسى.
(٤) هو التميمي، كما في «الإنصاف»: (٣/ ٢٧١).