للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا لم يُقَرَّ (١) على الاعتقاد لم يُقَرَّ على موجَبه وهو الترك، فيكون مطالَبًا بالفعل في الدنيا. ولأنَّ الدليل يقتضي وجوبها على كلِّ حال (٢). وإنما عُفي للكافر الأصلي عن القضاء، لأنَّ مدَّة الترك تطول غالبًا. وقد كان على دين يَعتقِد صحتَه، ولم يَعتقد بطلانَه؛ وهو مع ذلك مُقَرٌّ عليه، يجوز أن يهادَن ويُؤمَن وأن يسترَقَّ ويُعقَد له الجزية إن كان من أهل ذلك، بخلاف المرتدِّ.

ووجه المشهور: أنَّ ما تركه قبل الردَّة (٣) قد وجب في ذمته واستقرَّ، فلا يسقط بعد ذلك بفعله لو كان مباحًا، فكيف يسقط بالمحرَّم؟ ولأنه ترك صلاةً يُخاطَب بفعلها ابتداءً، فخوطب بقضائها كالنائم والناسي، وأولى. ولأنّ تخلُّلَ المُسقِط بين زمنَي (٤) الوجوب والقضاء لا يُسقِط الواجبَ، كما لو ترك الصلاةَ ثم حصل جنون أو حيض، ثم حصل العقل والطهارة، فإنه يجب القضاء.

وأمَّا حبوطُ عمله بالردَّة، فقد منع ذلك أكثر أصحابنا (٥)، وقالوا: الآيات فيمن مات على الردَّة، بدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة:


(١) في (ف): «يقم» هنا وفي جواب إذا.
(٢) في (ف): «كل أحد».
(٣) في النسختين: «الإسلام»، وتصحيحه من المطبوع.
(٤) في الأصل والمطبوع: «زمن»، والمثبت من (ف).
(٥) في الأصل والمطبوع: «بعض أصحابنا». ويؤيد ما أثبتُّ من (ف) ما سبق في (١/ ٣٣١)، وانظر: «الإنصاف» (٣/ ١٥).