للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: إن الفسخ لا يجوز إلا لذلك الوفد (١) خاصةً، فغير صحيح لوجوه:

أحدها: أن ما ثبت في حق الواحد من الأحكام ثبت في حق جميع الأمة، وهذا مما يُعلَم بالاضطرار من دين الإسلام، وحيث ما خصّ الواحد بحكم، فلا بدّ أن يكون اختصاصه بذلك الحكم لعلةٍ اختصّ بها، لو وُجِدت في غيره لكان حكمه حكمه، ولا بدّ من دليل على التخصيص، كما قال لأبي بُردة بن نِيَار في الأضحية: «تَجزِيك ولا تَجزِيْ عن أحدٍ بعدك» (٢)؛ لأنه كان قد (٣) ذبح قبل أن يسنّ وقت الأضحية، وكما خصّ سالمًا مولى أبي حذيفة بأن يرتضع (٤) كبيرًا؛ لأنه قد تُبنِّي قبل أن يحرِّم الله (٥) سبحانه أن يُدعى الرجل لغير أبيه (٦).

ثم إن التخصيص يكون لواحدٍ، وهنا أمرَ جميعَ من حجَّ معه بالتحلل، وقد أمر مَن بعدهم بالاقتداء بهم، فلو كانوا مخصوصين بذلك لوجب بيانه


(١) س: «الركب». وفي هامشها التصحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٩٥٥، ٩٦٥ ومواضع أخرى) ومسلم (١٩٦١) من حديث البراء بن عازب. والرواية هكذا «تَجزي» في جميع الطرق. وهي مثل قوله تعالى: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ}. وفي المطبوع: «تجزؤ»، خطأ.
(٣) ق: «قد كان».
(٤) س: «يرضع».
(٥) سقطت كلمة الجلالة من المطبوع.
(٦) انظر «الموطأ» (٢/ ٦٠٥، ٦٠٦). وقصة رضاعته أخرجها مسلم (١٤٥٣) من حديث عائشة. وعند البخاري (٤٠٠٠، ٥٠٨٨) طرف منها.