للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو داود (١). وعلى هذا فله أن يمسح قدر الناصية من أيِّ موضع شاء، في أشهَر الوجهين. وفي الآخر: تتعيَّن الناصية، وبكلِّ حال لا يجزئ الأذنان.

والصحيح: الأول، لقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦]، أمَر بمسح [٥٥/ب] الرأس، كما أمَر بمسح الوجه في آية التيمم. فإذا وجب (٢) استيعاب الوجه بالتراب، فاستيعابُ الرأس بالماء أولى. ولأن الرأس اسم للجميع، فلا يكون ممتثلًا إلا بمسح جميعه، كما لا يكون ممتثلًا إلا بغسل جميع الوجه. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمسَحَ جميعَ رأسه (٣)، وفعلُه مبيِّن للآية، كما تقدم.

وما نُقِل عنه أنه مسح على مقدَّم رأسه، فهو مع العمامة، كما جاء مفسَّرًا في حديث المغيرة بن شعبة (٤)، وذلك جائز.

وادعاءُ (٥) أنّ الباء إذا دخلت على فعل يتعدَّى بنفسه تفيد التبعيض (٦): لا أصل له، فإنه لم ينقله موثوقٌ به، والاستعمال لا يدل عليه، بل قد أنكره


(١) برقم (١٤٧)، وأخرجه ابن ماجه (٥٦٤)، كلاهما من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس به.
إسناده ضعيف، عبد العزيز ليّن، وأبو معقل مجهول العين، انظر: "بيان الوهم" (٤/ ١١١).
(٢) في المطبوع: "أوجب"، والصواب ما أثبتنا من الأصل.
(٣) كما في حديث الربيِّع بنت معوِّذ، وقد تقدم.
(٤) في "صحيح مسلم" (٢٤٨).
(٥) في الأصل: "وادعيا".
(٦) انظر: "الكشف والبيان" للثعلبي (٤/ ٢٧) و"المجموع شرح المهذهب" (١/ ٤٠٠) ونسبه إلى جماعة من أهل العربية.