للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصحاح والحسان. والقصة إذا أسندها من يحدّثها تارة وأرسلها أخرى كان أوكدَ في ثبوتها عنده وثقتِه بحديث من حدّثه، فإنه إنما يُخاف في الإرسال من ضعف الواسطة، فمتى سمّاه مرةً أخرى زال الريب.

وابن عباس - رضي الله عنه - لم يعارِض به يزيدَ بن الأصم في شيء يكون ابن عباس أعلمَ به منه، وإنما هو أمر نقليٌّ، العالم والجاهل فيه سواء. ثم ابن عباس لم يُسند روايته إلى أحد، ويزيد قد أسند روايته إلى خالته المنكوحة أم المؤمنين، ولا ريب أنها أعلم بحالها من ابن أختها ابن عباس.

الجواب الثاني: أن تزوُّج ميمونة وإن لم يُحكَم فيه بصحة رواية من روى أنه تزوَّجها حلالًا فلا ريب أنه قد اضطربت فيه [ق ٢٧٣] النقَلَة، ومع ما تقدم فلا وجه يصح الاحتجاج بها (١) لعدم الجزم بأنه تزوجها وهو محرم، فتتساقط الروايتان. وحديث عثمان لا اضطراب فيه ولا معارض له.

الجواب الثالث: أنه لو تيقَّنا أنه تزوَّجها محرِمًا لكان حديث عثمان هو الذي يجب أن يُعمل به لأوجهٍ:

أحدها: أن حديث عثمان ناقل عن الأصل الذي هو الإباحة، وحديث ابن عباس مُبقي (٢) على الأصل، فإن قدّرنا حديث ابن عباس متأخرًا لزم تغييرُ الحكم مرتين، وإن قدّرنا حديث عثمان متأخرًا لكان تزوُّجُ ميمونة قبل التحريم، فلا يلزم إلا تغيير الحكم مرةً واحدة، فيكون أولى.

الثاني: أن حديث ابن عباس كان في عمرة القضية قبل فتح مكة وقبل فرض الحج، كما تقدم، ولم تكن أحكام الحج قد مُهِّدت، ولا محظورات


(١) كذا بتأنيث الضمير في النسختين.
(٢) كذا في النسختين بإثبات الياء، وله وجه.