للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محفوظة ــ فإن معناها والله أعلم أنه بنى بها ودخل بها بسرف، كما فسّرت ذلك جميع الروايات، فإنها كلها متفقة على أنه بنى بها بعد منصَرَفه من عمرته بسرف، وأكثر الروايات على أن عقد النكاح تقدَّم على ذلك، وقد تقدم أنه أراد أن يبني بها بمكة، اللهم إلا أن يكون تقدم الخِطبة والركون (١)، ولم يعقد العقد إلا بسرف حين البناء؛ فإن هذا ممكن، وعلى هذا حمل القاضي (٢) الروايتين، وفسَّر قوله: «دعوني أُعرِّس»، معناه: أعقِد وأعرِّس، فلما منعوه خرج إلى سرِفَ فعقدَ وعرَّس (٣).

وأما رواية من روى أنه تزوَّجها قبل الإحرام أو بعده، فإما أن يكون الأول هو المطلع على حقيقة الأمر وخفي على الثاني، فإن ذاك مُثبِت وهذا نافٍ، لاسيما وسليمان بن يسار ويزيد بن الأصم أعلم بهذه القضية من غيرهما، ثم لم يتحدث بالعقد ولم يظهر إلا بعد مقدَمِه مكة وانقضاء عمرته، ومن هنا اعتقد من اعتقد أن العقد وقع في أثناء الإحرام. وقد ذكر هذا القاضي (٤)، وقال: هذا تأويل جيد. أو أن يكون (٥) بعث أبا رافع ومن معه فخطبا له، ووقع الاتفاق والمواطأة على العقد، ثم لم يعقد إلا بعد الإحرام.

وأما كونهما قد رُوِيا مرسَلينِ، وكون يزيد بن الأصم لا يَعدِل ابنَ عباس= فليس بشيء، فإنه قد رُوِي مسندًا من وجوه مرضية مخرَّجة في


(١) أي الميل والاعتماد.
(٢) في «التعليقة» (١/ ٤٧٧).
(٣) في المطبوع: «وأعرس» خلاف ما في النسختين.
(٤) في «التعليقة» (١/ ٤٧٩).
(٥) وجه ثانٍ معطوف على «فإما أن يكون ... ».