للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى أتاه بها بسَرِفَ، فبنى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنالك.

وقد ذكر البخاري بعض هذا الحديث تعليقًا (١)، فقال: وزاد ابن إسحاق: حدثني ابن نجيح وأبان بن صالح عن عطاء ومجاهد عن ابن عباس: «تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة في عمرة القضاء».

فقد اضطربت هذه الروايات في وقت تزوُّجه، فمِن قائلٍ إنه تزوَّجها قبل الإحرام، ومن قائلٍ عقبَ الحلّ بمكة، ومن قائلٍ بسرِفَ وهما حلالان، إما قبل الإحرام أو بعد رجوعه إلى المدينة. ثم أجود ما فيها حديث يزيد بن الأصمّ عن ميمونة، وحديث سليمان بن يسار عن أبي رافع، وقد رُوِيا مرسلينِ من وجوه هي أقوى من رواية من أسند، وهذه علة فيهما إن لم توجب الردَّ فإنها توجب ترجيح (٢) حديث ابن عباس الذي هو أصح إسنادًا.

قال عمرو بن دينار: حدثتُ (٣) ابنَ شهاب عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم، فقال ابن شهاب: حدثني يزيد بن الأصم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج ميمونة وهو حلال، قال عمرو: فقلت لابن شهاب: أتجعل حفظ ابن عباس كحفظ أعرابي يبول على عقبيه؟ (٤).

قيل (٥): أما رواية من روى أنه تزوَّجها وهما حلالان بسَرِفَ ــ إن كانت


(١) «صحيح البخاري» (٤٢٥٩).
(٢) في المطبوع: «ترجح» خلاف ما في النسختين.
(٣) ق والمطبوع: «حديث» تصحيف. والمثبت من س.
(٤) أخرجه الحاكم (٤/ ٣٢) والبيهقي في «الكبرى» (٥/ ٦٦). وأصل القصة إلى قوله: «وهو حلال» في «صحيح مسلم» (١٤١٠).
(٥) جواب «فإن قيل» قبل ثلاث صفحات.