للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخوف، ليس في هذا. فبيَّن الفرق بين صلاة الخوف وغيره، كما قال في حديث معاذ (١): فيه معنى دقيق لا يجوز مثله اليوم (٢). وهذا كلُّه يدل على اقتداء المفترض بالمتنفل عند الحاجة، وحالُ الخوف حالُ حاجة، قد جاز فيه من مخالفة قياس بقية الصلوات ما هو أكثر من هذا. والحديث مصرِّح بأنهم لم يقضوا ركعتين، وأنه سلَّم بهم. ودعوى وجوب إعادة الفرض لا دليل عليها.

الوجه الخامس: ما روى عروة أن مروان سأل أبا هريرة: هل صلَّيتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ قال: نعم. قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العصر، وقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابلَ العدو، وظهورُهم إلى القبلة. فكبَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكبَّروا جميعًا: الذين معه، والذين يقابلون (٣) العدو. ثم ركع ركعة واحدة، ثم ركعت معه الطائفة التي تليه. ثم سجد، وسجدت الطائفة التي تليه، والآخرون قيام مقابلي العدو. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقامت الطائفة التي معه، فذهبوا إلى العدو، فقابلوهم (٤). وأقبلت التي قابلت العدو، فركعوا وسجدوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٢٦١/أ] قائم كما هو. ثم قاموا (٥)، فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة أخرى،


(١) الذي فيه أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يرجع، فيؤم قومه. أخرجه البخاري (٧٠٠) ومسلم (٤٦٥) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
(٢) قول الإمام أحمد هذا نقله إبراهيم الحربي عنه. انظر: «طبقات الحنابلة» (١/ ٢٣٣).
(٣) في الأصل: «يقاتلون»، تصحيف.
(٤) في الأصل: «فقاتلوهم»، تصحيف.
(٥) في الأصل: «أقاموا» خطأ.