الإبل، ومع هذا فكانوا يصلُّون في مناخ إبلهم، وكانوا يصلُّون عليها وإليها، وهذا ظاهر مشهور في سِيَرهم. ولأنَّ تلك الأمكنة ليست أخصَّ بالإبل من الناس الذين نزلوا بها. والكراهة إنما نشأت لسبب في المكان الذي انفردت به، أو غلبت عليه، والله أعلم.
فصل
وأمَّا المجزرة، فقال أصحابنا: هي الموضع الذي يُذبَح فيه الحيوان معروفًا بذلك للقصَّابين والشوَّائين (١) ونحوهم. ولا فرق بين أن يكون الموضع نظيفا من الدماء والأرواث [ص ١٦٧] أو غير نظيف، لأنَّ النهي تناول الموضع، والعلَّةُ كونه مظِنَّةَ النجاسة ومحلًّا للشياطين، وهذا عامٌّ. وهذا هو المشهور، وعلى الوجه الذي يعلَّل الحكمُ فيه بحقيقة النجاسة، تجوز الصلاة في الموضع الذي تُيُقِّنت طهارته.
وأما المزبلة، فقالوا: هو الموضع الذي تُجمَع فيه الزُّبالة، مثل المواضع التي في الطرقات ونحوها. ولا فرق بين أن يكون عليها نجاسة من الزبالة أو تكون طاهرة.
ولفظ بعضهم: لا فرق بين أن يُرمَى فيها زبالة طاهرة أو نجسة. وهذا لأنَّ المكان مُعَدٌّ لإلقاء الزبالات النجسة والطاهرة، فخلوُّه بعضَ الأوقات عن النجاسة لا يمنعه أن يكون معدًّا لها، كالحمَّام الذي غُسِلت أرضه. وإذا كان معدًّا لها تناوله النهيُ لفظًا ومعنًى. ومن علَّل بوجود النجاسة فإنه يجوِّزه إذا تُيقِّنت طهارة المزبلة.
(١) في المطبوع: «السوابين». وفي الأصل بإهمال السين ونقط الياء. ولعل الصواب ما أثبت.