للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهما الوطء أعمُّ من نظر غيرهما.

فصل

وسواء في ذلك الأمة المزوَّجة والمتسرَّاة غيرُ المستولدة والمدبَّرةُ والمكاتبة والمعلَّق عتقُها بصفة، لأنَّ رقَّهن باقٍ بحاله، وما انعقد لهن من أسباب الحرية ليس بلازم. وقد تقدَّم حديث أنس في صفية (١) بأنه دليل على أن السُّرِّيّة لم تكن تُحجَب حجبَ الزوجة.

هذا قول أكثر أصحابنا. وقال أبو علي بن البناء: حكمُ المكاتبة والمدبَّرة والمعلَّق عتقها بصفةٍ حكمُ أم الولد والمعتَق بعضُها (٢)؛ لأنه قد انعقد لهن سبب الحرية، فخرجن عن محض العبودية، فرجعن إلى الأصل.

وأما أمُّ الولد، فقد نصَّ أحمد على أنها تصلِّي كما تصلي الحرَّة (٣)، لأنه انعقد لها سبب الحرية لازمًا، [ص ٧٨] وينجرُّ لها من أحكام الحرية أنها لا تباع، ولا توهب، ولا توقف، ولا ينقل الملك في رقبتها؛ فصار فيها شائبة الحرية، فغلب حكمها لوجهين:

أحدهما: أنه لا يمكن تمييزُ حقِّ الحرّيَّة عن حقِّ العبودية، والعملُ بمقتضى ما فيها من الحرية واجبٌ، وهو لا يمكن إلا بأن تكون كالحرَّة؛ وما لا يتم الواجب إلا به فواجب.

والثاني: أنَّ الأصل أنَّ السترة في الأمة والحرة سواء، وإنما تُرك ذلك


(١) تقدم تخريجه.
(٢) «الإنصاف» (٣/ ٢١٢).
(٣) في «مسائل عبد الله» (ص ٦٣) أنه قال: «تصلِّي بالخمار أعجب إليَّ».