للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها لا تخرج عارية الصدر والظهر. ولأنَّ الفرق بين الحرَّة والأمة إنما هو في القناع ونحوه، كما دلَّت عليه الآثار.

ولأنهن كنَّ قبل أن ينزل الحجاب مستوياتٍ في ستر الأبدان، فلما أُمِر الحرائر بالاحتجاب والتجلبُب بقي الإماء على ما كنَّ عليه. فأما كشفُ ما سوى الضواحي، فلم يكن عادتهن، ولم يؤذن لهن في كشفه، فلا معنى لإخراجه من العورة.

ولأن الله تعالى أمر بأخذ الزينة عند كل مسجد، وقميصُ الأمة ورداؤها من زينتها بخلاف الخمار. ولأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى الرجل أن يصلِّي في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء (١) تكميلًا للتزيُّن بستر المنكب، فكيف يأذن للأمة أن تصلِّي وظهرها وصدرها مكشوف، مع العلم بأنَّ انكشاف ذلك منها أشدُّ قبحًا وتفاحشًا من انكشاف منكب الرجل. ولأنَّ الأصل أنَّ عورة الأمة كعورة الحرَّة، كما أنَّ عورة العبد كعورة الحر، لكن لما كانت مظنَّةَ المهنة والخدمة، وحرمتُها تنقص عن حرمة الحرة، رُخِّص لها في إبداء ما تحتاج إلى إبدائه، وقطعِ شبهها بالحرّة، وتمييزِ الحرَّة عليها. وذلك يحصل بكشف ضواحيها من رأسها وأطرافها الأربعة، فأما الظهر والصدر فباقٍ على الأصل.

والحديث المتقدِّم لا دليل فيه، لأنه لا يلزم من إباحة النظر إليها بالملك أن يكون المنظور ليس بعورة، فإنَّ النظر يباح من المالك والمملوك وذوي المحارم إلى أشياء يجب سترُها في الصلاة، لكن نظر الزوج والسيّد المباح


(١) أخرجه البخاري (٣٥٩)، ومسلم (٥١٦) بلفظ: «عاتقيه». وأخرجه النسائي (٧٦٩) بلفظ المصنف.