يعتبر هذا الكتاب أوسع ما ألَّفه شيخ الإسلام في الفقه، حيث اختار متن كتاب «العمدة» وشرحه شرحًا مطولًا. أما بقية مؤلفاته في الفقه ــ عدا التعليقة على المحرر ــ فهي إما فتاوى متفرقة، أو رسائل مستقلة في الكلام على بعض المسائل، أو قواعد فقهية تنبني عليها أبواب العبادات والمعاملات. فالكتاب الذي بين أيدينا موسوعة كبيرة في أحكام العبادات ومسائلها، ولعل القدر الموجود منه الذي يُنشر الآن في خمسة مجلدات ضخام يعتبر نصف الكتاب أو أكثر بقليل، ولم نحصل على بقيته مع كثرة البحث والتنقيب عنها في المكتبات وفهارسها، ونأمل أن تكون ضمن المخطوطات المجهولة العنوان والمؤلف، ويُكشَف عنها في المستقبل بإذن الله.
وإذا قارنّا بين هذا الشرح وغيره من شروح «العمدة» نجد الفرق بينها جليًّا واضحًا، فشرح بهاء الدين المقدسي مختصر جدًّا، لا مقارنة بينه وبين هذا الشرح. أما شروح المعاصرين فأكثرها مأخوذة من شرح شيخ الإسلام ومعتمدة عليه كما صرَّح به مؤلفوها. أما الشروح التي لم تصلنا فقد كانت متوسطة الحجم في نحو مجلدين، ولعلها أيضًا استفادت من هذا الشرح كما استفاد منه المؤلفون الحنابلة مثل شمس الدين ابن مفلح، والزركشي، وبرهان الدين ابن مفلح، وعلاء الدين المرداوي. وهكذا أصبح كتابنا هذا شرحًا فريدًا لكتاب «العمدة»، وعمدةً للمتأخرين من الحنابلة وغيرهم.
وتميّز هذا الشرح بخصائص قد لا توجد في كثير من كتب الفقه الحنبلي، منها إيراده للأحاديث والآثار الكثيرة المروية في الباب معزوة إلى