للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكره أو يلبس (١) جلود السباع ويصلِّي، ثم يتبيَّن له رجحان القول الآخر لم تجب عليه الإعادة مع سمعه للحجَّة. فالذي لم يسمع الحجة يجب أن يُعذَر لذلك، إذ لا فرق بين أن يتجدَّد له فهمٌ لمعنًى لم يكن قبل ذلك، أو سماعٌ لعِلمٍ لم يكن قبل ذلك، إذا كان معذورًا بذلك؛ بخلاف من جهل بطلانَ الصلاة في الموضع النجس، فإنَّ هذا مشهور.

ولو صلَّى في موضع لم يعلم أنه مقبرة، ثم تبيَّن له أنه مقبرة، فهنا ينبغي أن يكون كما لو صلَّى في موضع نجس لا يعلم بنجاسته، ثم علِمَ بعد ذلك، وقد تقدَّم قولُ عمر لأنس: «القبرَ، القبرَ». ولم يأمره بالإعادة لأنه لم يكن يعلم أنَّ بين يديه قبرًا.

الفصل الرابع

أنَّ أكثر أصحابنا لا يصحِّحون الصلاة في شيء من هذه المواضع، ويجعلونها كلَّها من مواضع النهي

ومنهم من لم يعدَّ مواضع النهي إلا أربعة فقط، وهي: المقبرة، والحُشّ، والحمّام، وأعطان الإبل؛ سوى الموضع النجس والمغصوب. وهذا هو الذي ذكره الشيخ - رحمه الله -، وهو مقتضى كلام الخِرَقي وغيره لوجهين:

أحدهما: أنَّ النهي إنما صحَّ في المقبرة والحمَّام وأعطان الإبل. والحُشُّ أسوأ حالًا منها، فأُلحِقَ بها. وسائرُ الأمكنة مدارها على حديث ابن عمر، وإسناده ليس بالقوي، ولا يعارض عموم الأحاديث الصحيحة، لاسيَّما


(١) في الأصل: «يلمس»، وتصحيحه من حاشية كاتبه.