للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقييده بالطهارة في قوله عليه السلام: «كلُّ أرض طيِّبة» (١)، وتخصيصُه بالاستثناء المحقَّق والنهي الصريح أولى وأحرى.

الرابع: أن تلك الأحاديث إنما قُصِد بها بيانُ اختصاص نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - وأمته بالتوسعة عليهم في مواضع الصلاة، دون من قبلنا من الأنبياء وأممهم حيث حُظِرت عليهم الصلاة إلا في المساجد المبنيِّة للصلاة، فذكر - صلى الله عليه وسلم - أصلَ الخصيصة والمزية، ولم يقصِد تفصيلَ الحكم. واعتضد ذلك بأن هذه الأماكن قليلة بالنسبة إلى سائر الأرض، فلما اتفق قلَّتُها وأنه لم يتمحَّض المقصود لبيان أعيان أماكن الصلاة ترَكَ استثناءَها. فأما أحاديث النهي، فقصد بها بيان حكم الصلاة في أعيان هذه الأماكن، وهذا بيِّن لمن [ص ١٥٣] تأمَّله. وما ذكروه من تعليل النهي، فسنتكلَّم عليه إن شاء الله.

إذا ثبت ذلك، فمن صلَّى فيها غيرَ عالم بالنهي فهل تجب عليه الإعادة؟ على روايتين شبيهتين بالروايتين بالتوضؤ من لحم الإبل لغير العالم. وكثير من متأخري أصحابنا ينصرون البطلان مطلقًا للعمومات لفظًا ومعنًى. والذي ذكره الخلال أن قوله استقرَّ أن (٢) لا إعادة. وهذه أشبه، لاسيَّما على قول من يختار منهم أنَّ من نسي النجاسة أو جهلها لا إعادة، فيكون الجهل بالحكم فيها كالجهل بوجود النجاسة إذا كان ممن يُعذَر.

ولأنَّ النهي لا يثبت حكمه في حقِّ المنهيِّ حتى يعلم، فمن لم يعلم فهو كالناسي، وأولى. ولأنه (٣) لو صلَّى صلاة فاسدة لنوع تأويل، مثل أن يمسَّ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) «قوله استقرَّ أن» ساقط من المطبوع.
(٣) في حاشية المخطوط: «بدل لعله».